كتاب (الحُجَج والبيّنات) للعلّامة النّقوي اللّكْهَنويّ
توثيق علمي لكرامات الإمامين الكاظم والجواد عليهما السّلام
- إعداد: الشيخ أحمد التميمي
الكتاب: الحُجج والبيّنات في كرامات الإمامين الكاظم والجواد عليهما السّلام
المؤلّف: السيّد علي نقي النقوي اللّكْهَنوي (ت: 1408 هجريّة)
المحقّق: الدكتور كامل سلمان الجبُوري
النّاشر: العتبة الكاظميّة المقدّسة، بغداد
الطّبعة: الثالثة، 1437 هجرية/2016 ميلادية
إنّ روح الإسلام هو الإيمان بالغَيب، بكلّ ما يعنيه هذا الغيب الذي هو الأصل، بينما يأتي عالم الشهادة في سياقه مرحلة قصيرة يحيط الغيب بكلّ جوانبها، وتخضع له كلّ قوانينها.
وفي هذا السياق تأتي (الكرامة)، وهي ظهور أمر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى ولا يشترط فيها التّحدّي. وتتحقّق الكرامات على يد أولياء الله المخلصين، وهو أمر ممكن يُقرّه الدّين ولا يأباه العقل.
وفي (الحُجَج والبَيّنات) -الكتاب موضوع القراءة- يُراد بالكرامَات: الألطاف والعنايات إلالهيّة التي حصلت في المرقد المقدّس للإمامين الهُمامين الكاظِم والجَواد عليهما السّلام.
دوافع التأليف
دَفَعتْ أسبابٌ السيّدَ النّقويَّ لتأليف هذا الكتاب، منها:
1- الرّد المادّي على المشكّكين والمنكِرين لكرامات أهل البيت عليهم السّلام. يقول في مقدمة الكتاب: «قام أُناسٌ زعموا أنّهم لا يُذعنون لحقيقة إلّا أنْ تكون محسوسةً بالعيان، ملموسة براحة الوجدان...».
2- ترادف الآيات البيّنات التي ظهرت في مشهد الإمامين الكاظمَين عليهما السّلام. يقول في المقدمة أيضاً: «ظهرت في الآونة الأخيرة آيات إلهيّة بخرق العادات، في شفاء المصابين بأنواع العاهات، عند التوسّل بمشهد الجوادَين عليهما السّلام، بكثرة لم يعهَد لها مثيل في سابق الزمان، وكان ذلك من اليوم 28 من ذي القعدة سنة 1349 للهجرة، إلى آواخر ذلك العام..».
الخصائص
يمتاز كتاب (الحُجَج والبَيّنات) بجملة خصائص، يمكن ذكر بعضها على النحو التالي:
أولاً: التدوين الوثائقي للكرامات، حيث اتصل السيّد النّقوي ميدانياً بالمرضى الذين اكتسبوا الشفاء بواسطة التوسّل بالإمامين الكاظمين عليهما السّلام، وشاهدهم بنفسه مع بعض العلماء والمؤمنين، وسجّل المعلومات منهم ومن ذويهم، واستشهد معارفَهم وسكّان محالّهم، ثمّ أطلع علماء وأئمة جماعة مناطقهم لتأييد الشهادات، وكانت الشهادات عمّا سبق الاستشفاء وبعده.
ثانياً: التحقيق المنهجي للكتاب، حيث بذل الدكتور الجبوري جهداً متميزاً في تحقيقه، فقدّم للكتاب بحثاً تمهيدياً حول المعجزة والكرامة والوسيلة، وأتبعها بترجمة للمؤلّف، ثمّ قدّم عرضاً مختصراً للكتاب، إضافةً إلى ترجمة جميع الأعلام الذين شهدوا وأيّدوا حالات المرض والتعافي منه، فضلاً عن ضبطه لنصّ الكتاب.
ثالثاً: أهميّة الكتاب في الوقت الراهن، فضلاً عن أهميّته في وقت صدوره (قبل 90 سنة تقريباً)، ففي مواجهة المنهج التشكيكي في المفاهيم الإسلامية -وهو أحد أساليب الحرب النّاعمة في عالمنا اليوم- تبدو محتويات الكتاب الوثائقية علامة فارقة في سياق المواجهة.
المحتويات
جاء كتاب (الحُجَج والبَيّنات) في خمسة عشر فصلاً، احتوى كلّ فصل شخصية من المرضى وكرامة الشفاء التي حصلت له ببركة الإمامين الكاظمين عليهما السّلام، وذلك بتسجيل المؤلّف المعلومات الكاملة عن اسم الشخص، وعمله، وعنوانه... الخ.
ثمّ دوّن شهادة الشهود على حالتي الشخص في المرض والصحّة، وقد وصل عدد الشهود لجميع المعافين (وعددهم 15 شخصاً) 170 شاهداً عدا العلماء.
ثمّ صدّق الشهادات لدى المرجع الديني في المنطقة، ثمّ كلمته (المؤلّف) عن هذه الكرامة، يصف فيها كيفية سماعه واشتهارها، ورحلته ووصوله إلى الشخص المعافى، وذيّلها بتوقيعه وتوقيع رفيقه في الرحلة السيد محمّد صادق بحر العلوم.
ومن قصص المعافين، نقرأُ في الفصل الثاني عشر من الكتاب قصة السيّد أكبر الخراساني (من مدينة مشهد المقدّسة)، حيثُ يذكر بالتفصيل كيفية فقدانه للبصر، ثمّ مجيئه إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة، وبقائه سبعة أشهر حتّى شُفي ببركة الإمامين الكاظمين عليهما السّلام، وذلك بعد أنْ ضاق صدره ممّا يعانيه من فقدان البصر، حيثُ يقول: «..فذهبتُ إلى الحرم الشريف، وطفقتُ أتضرّع وأبكي حتى اجتمع الناس حولي رقّةً لأجلي، وبعد مضيّ ساعتين تقريباً ذهلتُ عمّن حولي وكأني صرتُ في عالم آخر .. وإذا بسيّد وقور جالس على كرسيّ، وأشار إليَّ بكفه الدّنُوّ إليه، فدنوتُ إليه وإذا به يمسح على عيني بباطن إبهاميه، ففتحتُ عيني ونظرتُ الى محيّاه الشريف والنور يتلألأ من وجهه، وحين أفقتُ من غشيتي، وجدتني أرى الضريح الشريف والناس حولي.. وها أنا أُبصر وأرى، والحمدُ لله رب العالمين».
ثمّ يذكر المؤلّف الشهادات حول هذه الكرامة بالتفصيل وعددها (10)، ومن ضمنها شهادة المرجع الدّيني السيّد الخوئي قدّس سرّه، والتي جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد رأيتُ هذا السيّد المشمول بعناية الإمامين الهُمامين عليهما وعلى أبائهما أفضل التحية والسّلام حال ضعف بصره إلى الغاية وحال شفائه.
الأحقر أبو القاسم الموسوي الخوئي
الخاتمة
رَغِبَ المؤلّف في الاستمرار بالمشروع، إلّا أنّ الظروف لم تساعده، يقول في خاتمة الكتاب: «لقد ضمّنتُ هذا الكتاب، حسبما تراه، ما تمّت عليه الحُجَج وقامت البَيّنات من معجزات الإمامين الهمامين الكاظمين عليهما أفضل الصلاة والسّلام، ألا وإنّها قليل من كثير، وعشر من معشار ما ظهر هناك، ولكنّا قد ضايقنا الوقت، ونازعتنا الفرص، واعورّت علينا مسالك البحث، لإعواز المواد، وانقطاع الأسباب...».
وأخيراً... إنّ كتاب (الحُجَج والبَيّنات في كرامات الإمامين الكاظم والجواد عليهما السّلام) للسيّد النّقوي (رحمه الله تعالى برحمته الواسعة) له فرادته في كتب الكرامات، وخصوصاً للمنهجية العلمية في التدوين، وهو ما يمنح الكتاب صفة الوثائقية في بحوث المعجزات والكرامات.